يقولُ تعالى ذكره لنبيِّه محمدٍ ﷺ: يسألُك يا محمد هؤلاء المكذِّبون بالبعثِ عن الساعةِ التي يُبْعَثُ فيها الموتى مِن قبورهم أيَّان مُرْساها، متى قيامُها وظهورُها.
وكان الفرَّاءُ يقولُ (٢): إنْ قال القائلُ: إنما الإرساءُ للسفينةِ والجبالِ الراسيةِ وما أشبَههنَّ، فكيف وُصِفت الساعةُ بالإرْساء؟. قلتُ: هي بمنزلة السفينة إذا كانت جاريةً فرَسَت، ورسوُّها قيامُها. قال: وليس قيامُها كقيامِ القائمِ، إنما هي كقولِك: قد قام العدْلُ، وقام الحقُّ. أي: ظهَر وثبت.
قال أبو جعفرٍ ﵀: يقولُ اللهُ لنبيِّه: ﴿فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا﴾. يقولُ: في أيِّ شيءٍ أنت مِن ذكر الساعةِ والبحثِ عن شأنِها.
وذُكِر أنَّ رسولَ الله ما كان يُكْثِرُ ذكر الساعةِ، حتى نزَلت هذه الآيةُ حدَّثني يعقوبُ بن إبراهيمَ، قال: ثنا سفيانُ بنُ عيينةَ، عن الزهريِّ، عن عروةَ، عن عائشةَ، قالت: لم يزَلِ النبيُّ ﷺ يسألُ عن الساعةِ، حتى أنزَل اللهُ ﷿: ﴿فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (٤٣) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا﴾ (٣)
(١) ينظر ما تقدم في ٢٢/ ٢٣٥ - ٢٣٩. (٢) في معاني القرآن ٣/ ٢٣٤. (٣) أخرجه البزار (٢٢٧٩ - كشف)، وأبو نعيم ٧/ ٣١٤ من طريق يعقوب به، وأخرجه ابن مردويه في تفسيره - كما في تخريج الكشاف للزيلعي ٤/ ١٥١ - والحاكم ٢/ ٥١٣، والخطيب في تاريخه ١١/ ٣٢١.