يعنى بقولِه: يَمْشِين خلفةً: تذهبُ منها طائفةٌ، وتخلُفُ مكانَها طائفةٌ أُخرى. وقد يَحتمِلُ أن يكونَ زهيرٌ أراد بقولِه: خِلْفةٌ. مختلفاتِ الألوانِ، وأنها ضروبٌ في ألوانِها وهيئاتِها. ويَحتمِلُ أن يكونَ أراد أنها تذهبُ في مشيِها كذا، وتجِيءُ كذا.
وقولُه: ﴿لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: جعلَ الليلَ والنهارَ، وخُلوفَ كلِّ واحدٍ منهما الآخرَ، حجةً وآيةً لمن أراد أن يذكَّرَ أَمرَ اللهِ، فيُنيبَ إلى الحقَّ، ﴿أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾: أو أراد شكرَ نعمةِ اللهِ التي أنعَمَها عليه في اختلافِ الليلِ والنهارِ.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ قولَه: ﴿أَوْ أَرَادَ شُكُورًا﴾. قال: شُكرَ نعمةِ ربِّه عليه فيهما (٣).
(١) جلق: مدينة بالشام، وقيل: هي دمشق. معجم البلدان ٢/ ١٠٤. (٢) تقدم في ٣/ ١٠. (٣) تفسير مجاهد ص ٥٠٦، ومن طريقه ابن أبي حاتم في تفسيره ٨/ ٢٧١٩، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٧٥ إلى الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر.