واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في معنى قولَه: ﴿إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾؛ فقال بعضُهم: معناه: إلا أن تَوَدُّونى في قَرابتى منكم، وتَصِلوا رَحِمى بينى وبينَكم.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا أبو كريبٍ ويعقوبُ بنُ إبراهيمَ، قالا: ثنا إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ، عن داودَ بن أبى هندٍ، عن الشعبيِّ، عن ابن عباسٍ في قولِه: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ قال: لم يَكُنْ بطنٌ مِن بطونِ قريشٍ إلا وبينَ رسول اللهِ ﷺ وبينَهم قرابةٌ، فقال: قل: لا أسْأَلُكم عليه أجرًا إلا أن تَوَدُّونى في القرابةِ التي بينى وبينَكم (١).
حدَّثنا أبو كريبٍ، قال: ثنا أبو أسامةَ، عن (٢) شعبةُ، عن عبد الملك بن مَيْسَرةَ، عن طاوس في قولَه: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾. قال: سُئِل عنها ابن عباسٍ، فقال ابن جبيرٍ: هم قُرْبَى آلِ محمدٍ. فقال ابن عباسٍ: عجِلْتَ (٣)، إن رسولَ اللهِ ﷺ لم يَكُنْ بطنٌ من بطونِ قريشٍ إلا وله فيهم قَرابةٌ. قال: فنزَلَت: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ قال: إلا القرابةَ التي بيني وبينَكم أن تَصِلوها (٤) حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾. قال: كان لرسولِ اللهِ ﷺ قَرابةٌ في جميعِ قريشٍ، فلما كذَّبوه وأبَوْا أن يُبايعوه، قال:"يا قومِ، إذ أبَيْتُم أن تُبايعونى فاحْفَظوا قَرابتي فيكم، لا يَكُنْ غيرُكم من العربِ أولى بحفظى ونُصْرتى منكم"(٥)
(١) أخرجه الطبراني (١٢٥٦٩)، والحاكم ٢/ ٤٤٤ من طريق داود به. (٢) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قال ثنا". (٣) في الأصل: "عجل". (٤) أخرجه أحمد ٣/ ٤٦٨ (٢٠٢٤)، والبخارى (٤٨١٨)، والترمذى (٣٢٥١)، والنسائي (١١٤٧٤)، وابن حبان (٦٢٦٢) من طريق شعبة به. (٥) أخرجه الطبراني (١٣٠٢٦) من طريق أبي صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٦ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.