وشريعتَكم جميعًا يومَ االقيامةِ، من حيثُ كنتم من بقاعِ الأرضِ، حتى يوفِّيَ (١) المحسنَ منكم جزاءَه بإحسانِه، والمسيءَ عقابَه بإساءتِه، أو يتفضّلَ فيصفَحَ.
وأما قولُه: ﴿إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ فإنه تعالى ذكرُه يعني: إن اللهَ على جمعِكم - بعد مماتِكم - من قبورِكم إليه (٢)، من حيثُ كنتم [وكانت قُبورُكم](٣)، وعلى غيرِ ذلك مما يشاءُ قادرٌ (٤)، فبادِرُوا خُروجَ أنفسِكم بالصالحاتِ من الأعمالِ قبلَ مماتِكم، ليومِ بعثِكم وحشْرِكم.
يعني جلَّ ثناؤه بقولِه: ﴿وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ﴾ ومن أيِّ موضعٍ خرَجْتَ إلى أَيِّ موضعٍ وجَّهْتَ، فولِّ يا محمدُ وجهَك. يقولُ: حوِّلْ وجْهَك.
وقد دلَّلْنا على أن التَّوليةَ في هذا الموضعِ شطرَ المسجدِ الحرامِ، إنما هي الإقبالُ بالوجهِ نحوَه، وقد بينَّا مَعنى الشطرِ فيما مضَى (٦).
وأما قولُه: ﴿وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ﴾ فإنه يعني به جلَّ ثناؤه: وإن التوجُّهَ شطرَه لَلحقُّ الذي لا شكَّ فيه من عندِ ربِّك، فحافِظوا عليه، وأطِيعوا اللهَ بتوجُّهِكمِ (٧) قِبَلَه.
(١) في ص: "يؤتى". (٢) سقط من: م. (٣) سقط من: م. (٤) في م، ت ٢: "قدير". (٥) في ص: (يعملون). وهي قراءة أبي عمرو، وقرأ نافع وابن كثير وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي بالخطاب. إتحاف فضلاء البشر ص ٩١. (٦) ينظر ما تقدم في ص ٦٥٩. (٧) في ص: "فتوجهكم"، وفي م، ت ٢: "في توجهكم".