أبيه، عن ابنِ عباسٍ قولَه: ﴿بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴾. يقولُ: في ضلالٍ (١).
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابنِ أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِ اللَّهِ: ﴿بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ﴾. قال: كُفُورٍ (٢).
يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿أَفَمَنْ يَمْشِي﴾ أيُّها الناسُ، ﴿مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ﴾ لا يُبْصِرُ ما بينَ يدَيْه وما عن يمينِه وشمالِه، ﴿أَهْدَى﴾. يقولُ: أشدُّ استقامةً على الطريقِ، وأهْدَى له، ﴿أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا﴾ مَشْيَ بني آدمَ على قَدَمَيه، ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. يقولُ: على طريقٍ لا اعْوِجاجَ فيه.
وقيل: ﴿مُكِبًّا﴾. لأنه فِعلٌ غيرُ واقعٍ، وإذا لم يكنْ واقعًا أَدْخلوا فيه الألفَ، فقالوا: أَكبَّ فلانٌ على وجْهِه، فهو مُكِبٌّ. ومنه قولُ الأعشى (٣):
فقال: مُكِبًّا. لأنه فِعلٌ غيرُ واقعٍ، فإذا كان واقعًا حُذِفت منه الأَلفُ، فقيل: كبَبْتُ فلانًا على وجْهِه، وكبَّه اللَّهُ على وجْهِه.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٤٩ إلى ابن أبي حاتم. (٢) تفسير مجاهد ص ٦٦٧، ومن طريقه عبد بن حميد - كما في تغليق التعليق ٤/ ٣٤٦ - وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٤٩ إلى ابن المنذر. (٣) ديوانه ص ٢٩٥. (٤) الروق: القرن من كل ذي قرن، والجمع أرواق. اللسان (روق). (٥) الأهيم من الهيام من الرمل: ما كان ترابًا دقاقًا يابسًا لا تستطيع أن تمسك به لدقة ذراته. الوسيط (هـ ي م).