وإنما اخْترنا القولَ الذي اخْترنا (١) في قولِه: ﴿وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾. على قولِ مَن قال: معناه: أنا أوّلُ المؤمنين مِن بنى إسرائيلَ. لأنَّه قد كان قبلَه في بنى إسرائيلَ مؤمنون وأنبياءُ، منهم ولدُ إسرائيلَ لصلبِه، كانوا (٢) مؤمنين وأنبياءَ؛ فلذلك اخترنا القولَ الذي قلناه قبلُ.
يقولُ تعالى ذكرُه: قال اللَّهُ لموسى: ﴿يَامُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ﴾. يقولُ: اختَرتُك على الناسِ، ﴿بِرِسَالَاتِي﴾ (٤): إلى خلقى، أرسلْتك بها إليهم، ﴿وَبِكَلَامِي﴾: كلَّمتُك وناجيتُك به (٥) دونَ غيرِك مِن خلقى، ﴿فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ﴾. يقولُ: فخُذْ ما أعطيتُك مِن أمرى ونهيى، وتَمسَّكْ به واعمَلْ به بيدَنِك (٦)، ﴿وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ للَّهِ على ما آتاك مِن رسالتِه، وخصَّك (٧) به (٨) مِن النجْوى بطاعتِه في أمرِه ونهيِه، والمسارعةِ إلى مرضاتِه.