المؤخَّرِ الذي معناه التقديمُ، وزَعَم أن معنى ذلك: ولقد خلقْناكم ثم قلْنا للملائكةِ: اسجُدوا لآدمَ. ثم صَوَّرناكم.
وذلك غيرُ جائزٍ في كلامِ العربِ؛ لأنها لا تُدخِلُ "ثم" في الكلامِ وهى مرادٌ بها التقديمُ على ما قبلَها من الخبرِ، وإن [كان قد يُعترضُ بها](١) في الكلامِ، إذا كان فيه دليلٌ على أن معناها التأخيرُ، وذلك كقولِهم: قامَ ثم عبدُ اللهِ عمرٌو. فأما إذا قيل: قامَ عبدُ اللهِ ثم قَعَد عمرٌو. فغيرُ جائزٍ أن يكونَ قعودُ عمرٍو كان إلا بعدَ قيامِ عبدِ اللهِ، إذا كان الخبرُ صدقًا. فقولُ اللهِ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾. نظيرُ قولِ القائلِ: قام عبدُ اللهِ ثم قَعَد عمرٌو. في أنه غيرُ جائزٍ أن يكونَ أمرُ اللهِ الملائكةَ بالسجودِ لآدمَ، كان إلا بعدَ الخلقِ (٢) والتصويرِ؛ لِما وصفنا قبلُ.
وأما قولُه: ﴿ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ﴾. فإنه يقولُ جلّ ثناؤُه: فلما صَوَّرنا آدمَ وجعلناه خلقًا سويًّا، ونَفَخنا فيه من روحِنا، قلنا للملائكةِ: اسجُدوا لآدمَ. ابتلاءً مِنَّا واختبارًا لهم بالأمرِ؛ لنَعْلَمَ الطائعَ منهم مِن العاصى.