وقولُه: ﴿عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾. يقولُ: عسى ربِّي أن يبيِّنَ لي قَصْدَ السبيل إلى مدين. وإنما قال ذلك لأنه لم يكن يعرفُ الطريق إليها.
وذُكر أن الله قيَّض له إذ قال: ﴿رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾. مَلَكًا سَدَّده الطريق وعرَّفه إيَّاه.
ذكرُ الرواية بذلك
حدَّثنا موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ، قال: لما أخذ موسى في بُنَيَّاتِ الطريقِ، جاءه مَلَكٌ على فرسٍ، بيدِه عَنَزَةٌ، فلمَّا رآه موسى سجد له من الفَرَقِ، قال: لا تَسْجُدْ لى، ولكن اتبعنى. فاتَّبَعَه، فهداه نحو مدين، وقال موسى وهو مُتَوجِّهٌ نحو مدينَ: ﴿عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾. فانطلق به حتى انتهى به إلى مَدينَ (٢).
حدَّثني العباسُ، قال: أخبرنا يزيدُ، قال: أخبرنا الأصبغُ بنُ زيدٍ، قال: ثنا القاسمُ، قال: ثنا سعيدُ بنُ جُبَيرٍ، عن ابن عباسٍ، قال: خرَج موسى مُتَوجِّهًا نحو مدينَ، وليس له علمٌ بالطريق إلا حُسن ظنِّه بربِّه، فإنه قال: ﴿عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ﴾ (٣).
(١) هو جرير، وتقدم في ٨/ ٥٩٨. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٦٠ من طريق عمرو بن حماد به، وتقدم أوله في ص ١٥٠. (٣) تقدم تخريجه في ١٦/ ٦٩.