قرأةِ المدينةِ والبصرةِ وبعضُ قرأةِ الكوفةِ، ﴿وَالسَّاعَةُ﴾ رفعًا على الابتداءِ (١). وقرَأته عامةُ قرأةِ الكوفةِ:(والسَّاعَةَ) نصبًا (٢)، عطفًا بها على قولِه: ﴿إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ﴾.
والصوابُ من القولِ في ذلك عندَنا أنهما قراءتان مستفيضتان في قَرَأةِ الأمصارِ، صحيحتا المخرجِ في العربيةِ، متقارِبتا المعنى، فبأيتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.
يقولُ تعالى ذكرُه: وبدَا لهؤلاء الذين كانوا في الدنيا يكفُرون بآياتِ اللهِ - سيئاتُ ما عمِلوا في الدنيا من الأعمالِ. يقولُ: ظهر لهم هنالك قبائحُها وشرارُها، لمَّا قرَءوا كتب أعمالِهم التي كانت الحفظةُ تنسخُها في الدنيا، ﴿وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾. يقولُ: وحاق بهم من عذابِ اللهِ حينَئذٍ ما كانوا به يستهزِئون، إذا قيل لهم: إن الله مُحِلُّه بمَن (٣) كذَّب به، على سيئاتِ ما في الدنيا عمِلوا من الأعمالِ.
يقولُ تعالى ذكرُه: وقيل لهؤلاء الكفرة الذين وصَف صفتَهم: اليومَ نتركُكم في عذابِ جهنمَ، كما ترَكتم العملَ للقاء ربِّكم يومَكم هذا.
كما حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْسَاكُمْ﴾: نتركُكم (٤).
(١) هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم والكسائي. ينظر السبعة لابن مجاهد ص ٥٩٥. (٢) هي قراءة حمزة. المصدر السابق. (٣) في ص، ت ١، ت ٢: "ممن". (٤) بعده في ت ٢: "في عقاب الله".