قائمًا. فليس الذي اعتلَّ به مِن اعتلَّ لصحةِ القراءةِ بفتحِ القافِ في ذلك، بقولِ العربِ في ظَلِلْتُ وأَحْسَسْتُ: ظَلْتُ وأحَسْتُ، بعلةٍ توجبُ صحتَه؛ لِما وصفتُ مِن العلةِ.
وقد حكَى بعضُهم عن بعضِ الأعرابِ سماعًا منه: يَنْحِطْنَ مِن الجبلِ. وهو يريدُ: يَنْحَطِطْنَ، فإن يَكُن ذلك صحيحًا، فهو أقربُ إلى أن يكونَ حُجَّةً لأهلِ هذه القراءةِ مِن الحُجَّةِ الأخرى.
وقولُه: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. قيل: إن التَّبَرُّجَ في هذا الموضعِ: التبخترُ والتكسرُ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. أي: إذا خَرَجْتُنَّ مِن بُيُوتِكنَّ، قال: كانت لهن مِشْيَةٌ وتَكَسُرٌ وتَغَنُّجٌ، يعنى بذلك الجاهليةَ الأولى، فنَهاهنَّ اللَّهُ عن ذلك (١).
حدَّثني يعقوبُ، قال: ثنا ابن عُلَيَّةَ، قال: سمعتُ ابنَ أبي نَجيحٍ، يقولُ في قولِه: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. قال: التبخترُ (٢).
وقيل: إن التَّبَرُّجَ هو إظهارُ الزينةِ، وإبرازُ المرأةِ محاسنَها للرجالِ.
وأما قولُه: ﴿تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. فإن أهلَ التأويلِ اختَلفوا في الجاهليةِ الأُولى؛ فقال بعضُهم: ذلك ما بينَ عيسى ومحمدٍ ﵉.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره - كما في الفتح ٨/ ٥٢٠ من طريق شيبان عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٩٧ إلى ابن المنذر. (٢) أخرجه ابن سعد في الطبقات ٨/ ١٩٨ من طريق إسماعيل بن يحيى، عن ابن أبي نجيح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٩٧ إلى ابن أبي حاتم.