يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ﴾ [بالسيفِ والسلاحِ والمنافقين](١).
واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في صفةِ الجهادِ الذي أَمرَ الله نبيَّه به في المنافقين، فقال بعضُهم: أمرَه بجهادِهم باليدِ واللسانِ، وبكلِّ ما أطاقَ جهادَهم به.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن وكيعٍ، قال: ثنا مُحَميدُ بنُ عبدِ الرحمنِ ويحيى بنُ آدمَ، عن حسنِ بن صالحٍ، عن عليّ بن الأقمَرِ، عن [عمرِو بن أبي جُنْدبٍ](٢)، عن ابن مسعودٍ في قولِه: ﴿جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ﴾. قال: بيدِه، فإن لم يَسْتطِعْ فبلسانِه، فإن لم يستطِعْ فبقلبِه، فإن لم يستطع فليَكْفَهِرَّ (٣) في وجهِه (٤).
وقال آخرون: بل أمرَه بجهادهم باللسانِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾: فأمرَه اللهُ بجهادِ الكفارِ بالسيفِ، والمنافقين باللسانِ، وأَذْهَب الرِّفْقَ عنهم (٥).
(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "والمنافقين بالسيف والسلاح". (٢) في م: "عمرو بن جندب"وهما قولان في اسمه. ينظر تهذيب الكمال ٢١/ ٥٦٦. (٣) فليكفهر: أي: فليلقه بوجه عابس قطوب. ينظر النهاية ٤/ ١٩٣. (٤) ذكره الزيلعي في تخريج الكشاف ٢/ ٨١ عن المصنف، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٤١، وابن مردويه - كما في تخريج الكشاف للزيلعي ٢/ ٨١، ووالبيهقي في الشعب (٩٣٧٠) من طريق يحيى بن آدم به. وأخرجه ابن المبارك في الزهد (١٣٧٧) - ومن طريقه ابن أبي الدنيا في الأمر بالمعروف (١٠٩) - من طريق على بن الأقمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٥٨ إلى ابن أبي شيبة وابن المنذر وأبي الشيخ. (٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٤١، ١٨٤٢، والبيهقى ٩/ ١١ من طريق أبي صالح به، و عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٥٨ إلى ابن المنذر وابن مردويه.