عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ﴾ الآية. قال (١): وإن الإسلامَ دينٌ مُطَهِّرُهُ اللهُ مِن كلِّ سُوءٍ، وجعَل لك فيه يا بنَ آدمَ سَعَةً إِذا اضْطُرِرْتَ إلى شيءٍ من ذلك. قولُه: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ﴾: غيرَ باغٍ فى أكلِه، ولا عادٍ أن يَتَعَدَّى حلالًا إلى حرامٍ، وهو يجِدُ عنه مَنْدُوحَةً (٢).
اختلفت القرأةُ فى قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامَّةُ قرأةِ الحجازِ والعراقِ: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ﴾. فيكونُ "تصفُ الكذبَ" بمعنى: ولا تقولوا لوصْفِ ألسنتِكم الكَذِبَ. فيكونُ "ما" بمعنى المصدرِ.
وذُكِر عن الحسنِ البصريِّ أنه قرَأ:(ولَا تقولُوا لما تصِفُ ألْسِنَتُكم الكَذِبِ هذا). بخفضِ "الكذبِ"(٣)، بمعنى: ولا تقولوا للكذبِ الذى تَصِفُه ألسنتُكم: هَذَا حَلالٌ وهذَا حَرَامٌ. فيجعَلُ "الكذبَ" ترجمةً عن "ما" التي في ﴿لِمَا﴾ فيَخْفِضُه بما يَخْفِضُ به "ما".
وقد حُكِى عن بعضِهم:(لِمَا تَصِفُ ألْسِنَتُكُمُ الكُذُبُ). برفعِ "الكُذُبِ"(٤)، فيجعَلُ "الكُذُبَ" من صفةِ الألسنةِ، ويُخَرَّجُ (٥) على "فُعُلٍ"،
(١) زيادة من: م والدر المنثور. (٢) تقدم تخريج قوله: ﴿فمن اضطر. . .﴾ فى ٣/ ٦١. وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤/ ١٣٤ إلى عبد بن حميد وابن المنذر. (٣) وهي قراءة الأعرج وابن يعمر وابن أبي إسحاق وعمرو ونعيم بن ميسرة. المحتسب ٢/ ١٢. (٤) وهي قراءة مسلمة بن محارب. المصدر السابق. (٥) فى ص، ت ١، ت ٢، ف: "يخرجوا".