الحكم بيننا وبينكم، ومتى يكون هذا الثواب والعقاب (١)؟
ذكرُ مَن قال ذلك
حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة في قوله: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. قال: قال أصحاب نبي الله ﷺ: إن لنا يومًا أوشك أن نستريح فيه، وننعم فيه. فقال المشركون: ﴿وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْفَتْحُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ (٢).
وقال آخرون: بل عُنى بذلك فتح مكة.
والصوابُ من القول في ذلك: قولُ مَن قال: معناه: ويقولون متى يجيءُ هذا الحكم بيننا وبينكم؟ يعنون العذاب. يدلُّ على أن ذلك معناه قوله: ﴿قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ لَا يَنْفَعُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِيمَانُهُمْ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ﴾. ولا شك أن الكفار قد (٣) جعل الله التوبة قبل فتح مكة وبعده، ولو كان معنى قوله: ﴿مَتَى هَذَا الْفَتْحُ﴾ على ما قاله من قال: يعني به فتح مكة - لكان لا توبةَ لمن أسلم من المشركين بعد فتح مكة، [ولا شك أن الله قد تاب على بشَرٍ كثيرٍ من المشركين بعد فتح مكة](٤)، ونفعهم بالإيمان به وبرسوله؛ فمعلومٌ بذلك صحة ما قلنا من التأويل وفساد ما خالفه. وقوله: ﴿إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾. يعني: إن كنتم صادقين في (٥) الذي تقولون من أنَّا معاقبون على تكذيبنا محمدًا، وعبادتنا الآلهة والأوثان.
(١) في ت ٢: "العذاب". (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٧٩ إلى المصنف وابن أبي حاتم. وذكره البغوي في تفسيره ٦/ ٣١٠. (٣) بعده في ص، م، ت ١: "كان". (٤) سقط من: ت ١. (٥) بعده في ص، ت ١، ت ٢: "أن".