كما حدَّثنا بِشْرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿هَاأَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ﴾: فواللهِ، إن المؤمنَ ليُحِبُّ المُنافِق، ويَأْوِى له ويَرْحَمُه، ولو أن المنافقَ يَقْدِرُ على ما يقدِرُ عليه المؤمنُ منه، لأَباد خضراءَه (١).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثنى حجاجٌ، عن ابنِ جُرَيجٍ، قال: المؤمنُ خيرٌ للمنافقِ من المنافقِ للمؤمنِ، يَرحَمُه، ولو يَقدِرُ المنافقُ من المؤمنِ على مثلِ ما يَقدِرُ المؤمنُ عليه منه، لأبادَ خضراءَه (٢).
وكان مجاهدٌ يقولُ: نزَلت هذه الآيةُ في المنافِقين.
حدَّثني بذلك محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، عن عيسى، عن ابنِ أبى نَجيحٍ، عن مجاهدٍ (٣).
يعنى بذلك جل ثناؤُه أن هؤلاء الذين نهَى اللهُ ﵎ المؤمنين أن يَتَّخِذوهم بطانةً من دونِهم، ووصَفهم بصفتِهم، إذا لَقُوا المؤمنين من أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ، أعطَوهم بألسنتِهم تَقِيَّةً؛ حَذرًا على أنفسِهم منهم، فقالوا لهم: قد آمَنَّا وصَدَّقنا بما جاء به محمدٌ. وإذا هم خَلَوا فَصاروا في خَلاءٍ حِيثُ لا يَراهم المؤمنون، عَضُّوا - على ما يَرَون من ائتلافِ المؤمنين واجتماعِ كلمتِهم وصلاحِ
(١) أخرجه ابن أبي حاتم فى تفسيره ٣/ ٧٤٥ (٤٠٤٧) من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٦٦ إلى عبد بن حميد. (٢) عزاه السيوطى فى الدر المنثور ٢/ ٦٦ إلى المصنف وابن المنذر. (٣) تفسير مجاهد ص ٢٥٨.