قولَه: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾. قال: الشِّقْوةَ والسَّعادة (١).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا﴾: للنعمِ، وَإِمَّا كَفُورًا: لها.
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ﴾، إلى: ﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ﴾. قال: نَنْظُرُ أَيَّ شيءٍ يَصْنَعُ، أيَّ الطريقين يَسلُكُ، وأيَّ الأَمرَين يأخذُ، قال: وهذا الاختبارُ (٢).
وقوله: ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: إنا أعتَدْنا لمن كفَر نِعَمَنا، وخالَف أمرَنا، سلاسلَ يُسْتَوْثَقُ بها منهم شدًّا في الجحيمِ، ﴿وَأَغْلَالًا﴾. يقولُ: وتشدُّ بالأغلالِ فيها أيدِيهم إلى أعناقِهم.
وقولُه: ﴿وَسَعِيرًا﴾. يقولُ: ونارًا تُسَعَّرُ عليهم فتتوقَّدُ.
يقولُ تعالى ذكرُه: إنَّ الذين بَرُّوا بطاعتِهم ربَّهم في أداءِ فرائضِه، واجتنابِ معاصيه، ﴿يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ﴾؛ وهو كلُّ إناءٍ كان فيه شرابٌ، ﴿كَانَ مِزَاجُهَا﴾. يقولُ: كان مِزاجُ ما فيها مِن الشرابِ، ﴿كَافُورًا﴾. يعني: في طيبِ رائحتِها كالكافورِ. وقد قيل: إن الكافورَ اسمٌ لعَينِ ماءٍ في الجنةِ، فمن قال ذلك؛ جعَل نصْبَ العينِ على الردِّ على الكافورِ تِبْيانًا عنه، ومن جعَل الكافورَ صفةٌ للشرابِ
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٢٩٨ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر. (٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٣١١.