يقول تعالى ذكره: وإذا أصاب الناسَ منا خصب ورخاء، وعافية في الأبدان والأموال، فرحوا بذلك، وإن تُصِبهم منا شدَّةٌ من جَدْب وقحط وبلاء في الأموال والأبدان، ﴿بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ﴾. يقولُ: بما أسلفوا من سيِّيء الأعمال بينهم وبين الله، وركبوا من المعاصى، ﴿إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾. يقول: إذا هم ييأسون من الفرح. والقنوط هو الإياسُ؛ ومنه قول حميد الأرقط (١).
قَدْ وَجَدُوا الحَجَّاج غير قانِطِ
وقوله: ﴿إذا هُمْ يَقْنَطُونَ﴾. هو جوابُ الجزاء؛ لأنَّ "إذا" نابت عن الفعل بدلالتها عليه، فكأنَّه قيل: وإن تصبهم سيئة بما قدَّمتْ أيديهم وجدتهم يقنطون. أو: تجدهم. أو: رأيتهم. أو: تَرَهم (٢).
وقد كان بعض نحويى البصرة (٣) يقول (٤): كانت "إذا" جوابا؛ لأنها متعلقة (٥) بالكلام الأوَّلِ، بمنزلة الفاء.
يقول تعالى ذكره: أولم يرَ هؤلاء الذين يفرحون عند الرخاء يُصيبهم والخصبُ، وييأسون من الفرج عند شدَّةٍ تنالهم - بعيون قلوبهم، فيعلموا أنَّ الشدة والرخاء بيد الله، وأنَّ الله يبسُطُ الرزق (٦) لمن يشاء من عباده فيوسعه عليه،
(١) البيت في مجاز القرآن ٢/ ١٢٢، وجمهرة اللغة ٣/ ١١٥. (٢) في م: "تراهم". (٣) هو الخليل بن أحمد. ينظر الكتاب ٣/ ٦٣، ٦٤. (٤) بعده في ص، ت ١: "إذا". (٥) في ص، ت ١: "معلقة". (٦) في ص، ت ١: "رزقه".