حدَّثنا محمدُ بنُ المُثَنَّى، قال: ثنا إبراهيمُ بنُ أبى الوزيرِ (١)، قال: ثنا سفيانُ بن عُيَيْنَةَ، عن المسعوديِّ، عن القاسمِ، أن النبيَّ ﷺ قال لابنِ مسعودٍ:"اقْرَأْ عليَّ". قال: أَقْرَأُ عليك، وعليك أُنزِلَ؟ قال:"إِنِّي أُحِبُّ أَن أَسْمَعَه مِن غيرِى". فقرَأ ابن مسعودٍ [النساءَ، حتى بلَغ: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا﴾. قال: قال: اسْتَعبر النبيُّ ﷺ، وكفَّ ابن مسعودٍ](٢).
قال المسعوديُّ: فحدَّثنى جعفرُ بنُ عَمرِو بن حُرَيْثٍ، عن أبيه، أن النبيَّ ﷺ -قال:"شَهِيدًا عَلَيْهِم (٣) ما دُمْتُ فِيهِم، فإذَا تَوَفَّيتَنِي كُنتَ أنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِم، وأنتَ على كلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ"(٤).
يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: يومَ نَجَئُ مِن كلِّ أُمَّةٍ بشهيدٍ، ونجيءُ بك على أمتِك يا محمدُ شهيدًا، ﴿يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾. يقولُ: يَتَمَنَّى الذين جحَدوا وحدانيَّةَ اللهِ، ﴿وَعَصَوُا﴾ رسولَه، ﴿لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ﴾.
واخْتَلفتِ القَرَأَةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرَأته عامَّةُ قرأةِ أهلِ الحجازِ ومكةَ والمدينةِ:(لَوْ تَسَّوَّى بهم الأرضُ) بتشديدِ السينِ والواوِ وفتحِ التاءِ، بمعنى: لو تَتَسَوَّى بهم الأرضُ، ثم أُدْغِمت التاءُ الثانية في السينِ، يُرادُ به (٥): أنهم يَوَدُّون لو صاروا ترابًا،
(١) في الأصل: "الزبير". وهو تحريف. انظر تهذيب الكمال ٢/ ١٥٧. (٢) سقط من: الأصل. (٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "عليكم". (٤) أخرجه الحميدى (١٠١) عن سفيان به، وانظر الحديث السابق. (٥) في الأصل: "بهم".