قالوا: وذلك قولُ جماعةٍ مِن السلفِ، وإن كانوا مختلفين في المعنيِّ بالآيةِ؛ فقال بعضُهم: عُنِي بها إبراهيمُ.
وقال بعضُهم: عُنِي بها المهاجرون (١) مِن أصحابِ رسولِ اللهِ ﷺ.
ذكرُ مَن قال: عُنِي بهذه الآيةِ إبراهيمُ خليلُ الرحمنِ ﷺ حدَّثنا ابنُ وَكيعٍ، قال: ثنا يحيى بنُ يَمانٍ وحميدُ بنُ عبدِ الرحمنِ، عن قيسِ ابنِ الربيعِ، عن زيادِ بنِ عِلاقةَ، عن زيادِ بن حَرْملةَ، عن عليٍّ، قال: هذه الآيةُ لإبراهيمَ ﷺ خاصةً، ليس لهذه الأمةِ منها شيءٌ (٢).
ذكرُ مَن قال: عُنِي بها المهاجرون خاصةً
حدَّثنا ابنُ وكيعٍ، قال: ثنا يحيى بنُ يَمانٍ وحميدُ بنُ عبدِ الرحمنِ، عن قيسِ ابنِ الربيعِ، عن سِماكٍ، عن عكرمةَ: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾. قال: هي لمَن هاجرَ إلى المدينةِ.
وأولى القولين بالصحةِ في ذلك ما صحَّ به الخبرُ عن رسولِ اللهِ ﷺ، وهو الخبرُ الذي رواه ابنُ مسعودٍ عنه أنه قال: الظلمُ الذي ذكَره اللهُ تعالى في هذا الموضعِ هو الشركُ.
وأما قولُه: ﴿أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾. فإنه يعني: هؤلاء الذين آمنوا، ولم يَخْلِطُوا إيمانَهم بشركٍ، ﴿لَهُمُ الْأَمْنُ﴾ يومَ القيامةِ مِن عذابِ اللهِ، ﴿وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾. يقولُ: وهم المُصِيبون سبيلَ الرشادِ، والسالكون طريقَ النَّجاةِ.
(١) في م: "المهاجرين". (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٣٣٣ (٧٥٤٤) من طريق قيس بن الربيع به. والحاكم ٢/ ٣١٦ من طريق زياد بن علاقة به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٧ إلى الفريابي وعبد بن حميد وأبي الشيخ وابن مردويه.