واختلفتِ القرأةُ في قراءةِ ذلك؛ فقرأته عامةُ قرأةِ الِمصْرين الكوفِة والبصرةِ: ﴿وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ﴾ بتخفيفِ الراءِ وفتحِها، على معنى ما لم يُسَمَّ فاعلُه (١)، من: أفْرَط فهو مُفْرَطٌ. وقد بيَّنتُ اختلافَ قرأةِ (٢) ذلك كذلك في التأويلِ.
وقرَأه أبو جعفرٍ القارئُ:(وأنهم مُفَرِّطون). بكسرِ الراءِ وتشديدِها (٣)، بتأويلِ: أنهم مفرِّطون في أداءِ الواجبِ كان للهِ عليهم في الدنيا، من طاعتِه (٤) وحقوقِه، مضيِّعو ذلك، من قولِ اللهِ تعالى: ﴿يَاحَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ﴾ [الزمر: ٥٦].
حدَّثني بذلك يونس، عن ورْشٍ، عنه. بتأويلِ: أنهم مُفْرِطون في الذنوبِ والمعاصى، مُسْرِفون على أنفسِهم، مُكْثِرون منها (٦). من قولِهم: أفْرَط فلانٌ في القولِ. إذا تجاوَز حدَّه وأسْرَف فيه.
والذي هو أولى القراءاتِ في ذلك بالصوابِ قراءةُ الذي ذكَرنا قراءتَهم من أهلِ العراقِ، لموافقتِها تأويلَ أهلِ التأويلِ الذي ذكَرنا قبلُ، وخروجِ القراءاتِ الأُخَرِ عن تأويلِهم (٧).