﴿وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ﴾. يقولُ: زكاة أموالهم، ﴿أَوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾. يقولُ: برِئوا من الكفرِ. ثم وصف الله النفاقَ وأهلَه فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ﴾ إلى قوله: ﴿أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَفِرُونَ حَقًّا﴾ [النساء: ١٥٠، ١٥١]. فجعل الله المؤمن مؤمنًا حقًّا، وجعل الكافرَ كافرًا حقًّا، وهو قوله: ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ﴾ (١)[التغابن: ٢].
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ﴿أَوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا﴾. قال: استحقُّوا الإيمان بحقٍّ، فأحقَّه الله لهم (٢).
القول في تأويل قوله: ﴿لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (٤)﴾.
يعنى جلَّ ثناؤه بقوله: ﴿لَهُمْ دَرَجَاتٌ﴾: لهؤلاء المؤمنين الذين وصف جلّ ثناؤه صفتهم درجاتٌ، وهى مراتب رفيعةٌ.
ثم اختلف أهلُ التأويل في هذه الدرجاتِ التى ذكر الله أنها لهم عنده ما هي؟
فقال بعضُهم: هى أعمال رفيعةٌ، وفضائل قدَّموها في أيامِ حياتِهم.
ذِكرُ من قال ذلك
حدَّثني أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا إسرائيل، عن أبي يحيى القتاتِ، عن مجاهد: ﴿لَّهُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ رَبِّهِمْ﴾. قال: أعمالٌ رفيعةٌ (٣).
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٥٦، ١٦٥٧ من طريق أبي صالح به مفرقًا، إلى قوله: أولئك هم الكافرون حقا. (٢) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٥٨ من طريق يزيد به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٦٢ إلى أبي الشيخ. (٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٦٥٨ من طريق إسرائيل به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ١٦٣ إلى عبد بن حميد وأبي الشيخ.