﴿فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ﴾. قال: نظَر بعضُهم إلى بعضٍ، فقالوا: ﴿إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ﴾ (١).
وقولُه: ﴿ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ﴾. يقولُ جل ثناؤُه: ثم غُلِبوا في الحُجَّةِ، فاحْتَجُّوا على إبراهيمَ بما هو حُجةٌ لإبراهيمَ عليهم، فقالوا: لقد علمتَ ما هؤلاء الأصنامُ يَنْطِقون.
كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابن إسحاقٍ، قال: ثم قالوا - يعنى قومَ إبراهيم - وعَرَفوا أنها، يعنى آلهتَهم لا تضُرُّ ولا تنفَعُ ولا تَبْطِشُ: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ﴾. أي: لا تتكلَّمُ فتُخْبِرَنا مَن صَنَع هذا بها، وما تَبْطِشُ بالأيدِى فنُصَدِّقَك. يقولُ اللَّهُ: ﴿ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ﴾. في الحُجَّةِ عليهم لإبراهيم حينَ جادَلهم، فقال عندَ ذلك إبراهيمُ حينَ ظَهَرت الحُجَّةُ عليهم بقولِهم: ﴿لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ﴾ (٢).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: قال اللهُ: ﴿ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ﴾. أَدْرَكَتِ الناسَ حيرةٌ؛ حيرةُ سَوْءٍ (٣).
وقال آخرون: معنى ذلك: ثم نُكِسوا في الفتنةِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿ثُمَّ نُكِسُوا
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٢١ إلى ابن المنذر. (٢) كذا في النسخ، وسقط منها بقية الأثر، وبقيته كما في تاريخ المصنف: قال: ﴿أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ (٦٦) أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ وتقدم أوله في ص ٢٩٧. (٣) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٣٤٤، وفي البداية ١/ ٣٣٦.