يقولُ تعالى ذكرُه: ومَن أشدُّ اعتداءً، وأخطأُ فعلًا، وأَخْطَلُ قولًا، ﴿مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا﴾؟ يعني: ممن اختَلَق (١) على اللهِ قِيلَ باطلٍ، واختَرَق (١) مِن نفسِه عليه كذبًا، فزعَم أن له شريكًا مِن خلقِه، وإلهَا يُعْبَدُ مِن دونِه - كما قاله المشركون مِن عَبَدة الأوثانِ - أو ادَّعى له ولدًا أو صاحبةً، كما قالته النصارى، ﴿أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ﴾. يقولُ: أو كذَّب بحُجَجِه وأعلامِه وأدلتِه التي أعطاها رسلَه على حقيقةِ [نبوتِها، كما](٢) كذَّبَت بها اليهودُ، ﴿إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ﴾. يقولُ: إنه لا يُنْجِحُ (٣) القائلون على اللهِ الباطلَ، ولا يُدْرِكون البقاءَ في الجنانِ، والمُفْتَرون عليه الكذبَ، والجاحِدون بنبوةِ أنبيائِه.
يقولُ تعالى ذكرُه: إن هؤلاء المُفْتَرِين على اللهِ كذبًا، والمُكَذِّبين بآياتِه، لا يُفْلِحون اليومَ في الدنيا، ولا ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا﴾. يعنى: ولا في الآخرةِ. ففى الكلامِ محذوفٌ قد استُغْنى بذكرِ ما ظهَر عما حُذِف.
وتأويلُ الكلامِ: إنه لا يُفْلِحُ الظالمون اليومَ في الدنيا ويومَ نَحْشُرُهم جميعًا.
فقولُه: ﴿وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ﴾. مَرْدودٌ على المرادِ في الكلامِ؛ لأنه وإن كان
(١) اختلق واخترق: ابتدع الكذب. انظر اللسان (خ ر ق)، (خ ل ق). (٢) في م: "نبوتهم". (٣) في ص، ت ١: "يصح"، وفى م ت ٢، ت ٣، س: "يفلح". والمثبت كما تقدم في تفسير المصنف للفلاح، انظر ١/ ٢٥٦، ٣/ ٢٨١، ٦/ ٣٣٧ وغيرها.