منكم قوّةً وبَطْشًا، وأكثرَ منكم أموالًا وأولادًا ﴿فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ﴾. يقولُ: فتَمَتَّعوا بنصيبِهم وحَظِّهم مِن دنياهم ودينِهم، ورَضُوا بذلك مِن نصيبِهم في الدنيا عِوَضًا مِن نصيبِهم في الآخرةِ، [وقد سَلَكتُم أيُّها المنافقون سبيلَهم في الاستمتاع ﴿بِخَلَاقِكُمْ﴾. يقولُ: فَعَلتم بدينِكم ودُنْياكم، كما اسْتَمْتَع الأممُ الذين كانوا](١) مِن قبلكم (٢)، الذين أهلكتُهم بخِلافِهم أمرى - ﴿بِخَلَاقِهِمْ﴾. يقولُ: كما فَعَل الذين مِن قبلِكم بنصيبهم من دُنياهم ودينهِم. ﴿وَخُضْتُمْ﴾ في الكذبِ والباطلِ على اللهِ ﴿كَالَّذِي خَاضُوا﴾. يقولُ: وخُضْتُم أنتم أيضًا أيُّها المنافقون كخَوْضِ تلك الأممِ قبلَكم.
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثني أبو معشرٍ، عن سعيدِ بن أبى سعيدٍ المَقْبُرِيِّ، عن أبي هريرةَ، عن النبيِّ ﷺ، قال:"لَتَأْخُذُنَّ كما أَخَذَ الأمُ من قَبْلِكم؛ ذِرَاعًا بذراعٍ، وشِبْرًا بشِبْرٍ، وباعًا بباعٍ، حتى لو أن أحدًا مِن أولئك دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمُوه". قال أبو هريرةَ: اقْرَءُوا إن شِئْتُم القرآنَ: ﴿كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا﴾. قالوا (٣): يا رسولَ اللهِ، كما صَنَعَت فارسُ والرومُ؟ قال: "فهَلِ الناسُ
(١) سقط من: ت ١. (٢) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "قبلهم". (٣) في س: "قال". وفي صحيح البخاري: "فقيل".