أقسَمَ ربُّنا جلَّ ثناؤُه للمُخاطَبِين بهذه الآيةِ، أنه أرسَل نوحًا إلى قومِه، مُنْذرَهم بأسَه، ومَخوِّفَهم سَخَطَه، على عبادتِهم غيرَه، فقال لمَن كفَر منهم: يا قومِ اعبُدوا الله الذي له العبادةُ، وذِلُّوا له بالطاعةِ، واخْضَعوا له بالأستكانةِ، ودَعُوا عبادةَ ما سِواه مِن الأنْدادِ والآلهةِ، فإنه ليس لكم [إلهٌ - يعنى معبودًا -](٢) يَسْتَوجبُ عليكم العبادةَ غيرُه، فإنى أخافُ عليكم إن لم تَفْعَلوا ذلك ﴿عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾. يعنى: عذابَ يومٍ يَعْظُمُ فيه بلاؤُكم، بمَجيئِه إياكم بسَخَطِ رَبِّكم.
واختلفت القرَأةُ في قراءةِ قولِه: ﴿غَيْرُهُ﴾؛ فقرَأ ذلك بعضُ أهلِ المدينةِ والكوفةِ:(ما لكم من إلهٍ غيرِه) بخفضِ "غير" على النعتِ لـ "الإلهِ"(٣).
وقرأَه جماعةٌ من أهلِ المدينةِ والكوفةِ والبصرةِ: ﴿مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ﴾ برفعِ "غير"(٤)، ردًّا لها على موضعِ ﴿مِنْ﴾؛ لأن موضعَها رفعٌ، لو نُزِعَت مِن الكلامِ لكان الكلامُ رفعًا. وقيل: ما لكم إلهٌ غيرُ اللَّهِ. فالعربُ - لِمَا
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٩٣ إلى المصنف. (٢) سقط من: م، وفى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "يعني معبود". (٣) وهي قراءة أبي جعفر والكسائي. النشر ٢/ ٢٠٣. (٤) وبها قرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة ويعقوب وخلف. المصدر السابق.