يقولُ تعالى ذكرُه: هكذا (١) أرسَلْناك يا محمدُ في جماعةٍ مِن الناسِ، يَعْنى: إلى جماعةٍ قد خلَتْ مِن قبلِها جماعاتٌ على مثلِ الذي هم عليه، فمضَت - ﴿لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾. يقولُ: لتبلِّغَهم ما أرسلتُكَ به إليهم مِن وَحْيِى الذي أوحيتُه إليك، ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾. يقولُ: وهم يَجْحَدُون وحدانيةَ اللَّهِ ويكذِّبون بها، ﴿قُلْ هُوَ رَبِّي﴾. يقولُ: إِن كَفَر هؤلاء الذين أرسلتُكَ إليهم يا محمدُ بالرحمنِ، فقُلْ أنت: اللَّهُ ربي لا إلهَ إلا هو عليه توكَّلْتُ، ﴿وَإِلَيْهِ مَتَابِ﴾. يقولُ: وإليه مرجعى وأَوْبَتَى. وهو مصدرٌ مِن قولِ القائلِ: تُبتُ مَتَابًا وتَوبةً.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ﴾: ذُكِر لنا أن نبيَّ اللَّهِ ﷺ زمنَ الحديبيةِ حين صالَح قريشًا كتَب: هذا ما صالَح عليه محمدٌ رسولُ اللَّهِ ﷺ. فقال مشركو قريشٍ: لئن كُنتَ رسولَ اللَّهِ ثم قاتَلْناك لقد ظلَمْناك، ولكنِ اكْتُبْ: هذا ما صالَح عليه محمدُ بنُ عبدِ اللَّهِ. فقال أصحابُ رسولِ اللَّهِ ﷺ: دَعْنا يا رسولَ اللَّهِ نُقاتِلُهم. فقال:"لا، ولكنِ اكْتُبوا [كما يُريدون](٢)؛ إنى محمدُ (٣) بنُ عبدِ اللَّهِ"، فلما كتب الكاتبُ (٤): بسمِ اللَّهِ
= وإلى هنا ينتهى الجزء الثاني من النسخة "س"، وهو آخر الموجود منها لدينا. (١) في ت ١: "كذلك". (٢) في ف: "ما تريدون". (٣) في ص: "لمحمد". (٤) في ت ١: "في الكتاب"، وفى ت ٢، ف: "الكتاب".