ذَكَرَهُ (١٢) فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (١٤) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ﴾. قال: هم القرَّاءُ (١).
وقال آخرون: هم الملائكةُ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾: يعنى الملائكةَ (٢).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥) كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾. قال: السَّفَرَةُ الذين يُحْصُون الأعمالَ (١).
وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: هم الملائكة الذين يَسفِرون بينَ اللَّهِ ورسلِه بالوحي، وسفيرُ القومِ الذي يسعى بينَهم بالصلحِ، يقالُ: سَفَرتُ بينَ القومِ، إذا أصلَحتَ بينَهم. ومنه قولُ الشاعرِ (٣):
وما أدَعُ السَّفارةَ بينَ قومي … وما أمشى بغشٍّ إِنْ مَشَيْتُ
وإذا وُجِّه التأويلُ إلى ما قلنا، احتمَل الوجهَ الذي قاله القائلون: هم الكتبةُ. والذي قاله القائلون: هم القرَّاءُ؛ لأنَّ الملائكةَ هي التي تقرأُ الكتبَ، وتَسْفِرُ (٤) بينَ اللَّهِ وبينَ رسلِه.
وقولُه: ﴿كِرَامٍ بَرَرَةٍ﴾. والبَرَرةُ جمع بارٍّ، كما الكَفَرةُ جمعُ كافرٍ،
(١) ذكره ابن كثير في تفسيره ٨/ ٣٤٤. (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣١٥ إلى ابن أبي حاتم وابن المنذر. (٣) البيت في معاني القرآن للفراء ٣/ ٢٣٦، وتفسير القرطبي ١٩/ ٢١٦، والبحر المحيط ٨/ ٤٢٥. (٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "تسفره".