حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثنى الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ في قول الله: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ﴾. ومَن ذكر معه أن يَرَوْهِنَّ (١).
وقال آخرون: وضَع عنهنَّ الجناحَ فيهم (٢) في تَرْكِ الاحتجاب [منهم.
ذكرُ مَن قال ذلك] (٣).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة في قوله: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ﴾ إلى: ﴿شَهِيدًا﴾: فرخَّص لهؤلاء أن لا يحتجِبْنَ منهم (٤).
وأولى القولين في ذلك بالصواب قولُ من قال: ذلك وضعُ الجناح عنهنَّ في هؤلاءِ المسمَّيْنَ أَن لا يَحْتَجِبْنَ منهم، وذلك أن هذه الآية عقيب آية الحجاب، وبعد قولِ اللَّهِ: ﴿وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ﴾. فلأنْ (٥) يكونَ قوله: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ﴾. استثناءً من جملة الذين أمروا بسؤالِهِنَّ المتاع من وراء الحجاب، إذا سألوهنَّ ذلك - أولى وأشبه من أن يكون خبرًا مبتدأ عن غير ذلك المعنى.
فتأويل الكلام إذن: لا إثم على نساء النبيِّ ﷺ، وأَمَّهاتِ المؤمنين، في إِذْنِهِنَّ لآبائِهِنَّ، وتَرْكِ الحجاب منهنَّ، ولا لأبنائهنَّ، ولا لإخوانهنَّ، ولا لأبناء إخوانهنَّ، وعَنَى بإخوانهنَّ وأبناء إخوانِهِنَّ إخوتهنَّ وأبناءَ إخوتهنَّ - وخرَجَ جَمْعُهم (٦) كذلك
(١) تفسير مجاهد ص ٥٥١، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢١٥ إلى الفريابى وعبد بن حميد وأبى داود في ناسخه وابن المنذر وابن أبي حاتم. (٢) في م: "فيهن". (٣) سقط من: م. (٤) ذكره الطوسى في التبيان ٨/ ٣٢٥، وأبو حيان في البحر المحيط ٧/ ٢٤٨. (٥) في م: "فلا". (٦) في م، ت ١: "معهم جمع".