ورُوِى عن ابن عباسٍ ما حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابن أبي حمادٍ، قال: ثنا عيسى الأعمى، عن السديِّ، قال: كان ابن عباسٍ يَقْرَأُ: (إلا أن تكونا مَلِكَيْن). بكسرِ اللامِ (١).
وعن يحيى بن أبى كثيرٍ ما حدَّثني أحمدُ بنُ يوسُفَ، قال: ثنا القاسمُ بنُ سلَّامٍ، قال: ثنا حجاجٌ، عن هارونَ، قال: ثنى يَعْلَى بنُ حَكيمٍ، عن يحيى بن أبى كثيرٍ أنه قرَأَها:(مَلِكين). بكسرِ اللامِ (٢).
وكأن يحيى وابنَ عباسٍ وجَّها تأويلَ الكلامِ إلى أن الشيطانَ قال لهما: ما نَها كما ربُّكما عن هذه الشجرةِ إلا أن تكونا مَلِكَين مِن الملوكِ. أُراهما (٣) تأوَّلا في ذلك قولَ اللَّهِ ﷿ في موضعٍ آخرَ: ﴿قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى﴾ [طه: ١٢٠].
والقراءةُ التي لا أَسْتَجِيرُ القراءةَ في ذلك بغيرِها، القراءةُ التي عليها قرأةُ الأمْصارِ، وهى فتحُ اللامِ مِن ﴿مَلَكَيْنِ﴾ بمعنى: ملَكين مِن الملائكةِ؛ لما قد تقدَّم مِن بيانِنا في أن (٤) ما كان مُسْتَفيضًا في قرأةِ الإسلامِ مِن القراءةِ، فهو الصوابُ الذي لا يَجوزُ خلافُه.
يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَقَاسَمَهُمَا﴾: وحلَف لهما، كما قال في موضعٍ آخرَ: ﴿تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ﴾ [النمل: ٤٩]. بمعنى: تَحالَفوا باللَّهِ. وكما قال
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٧٤ إلى المصنف. وينظر مختصر ابن خالويه ص ٤٨. (٢) وهي أيضا قراءة الحسن بن علي والضحاك والزهري وابن حكيم عن ابن كثير. ينظر البحر المحيط ٤/ ٢٧٩. (٣) في م: "أنهما". (٤) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "كل".