حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ﴾. قال: في السماءِ [خلَقه، خُلق آدمُ في السماءِ، فسُمِّي](٢) ذلك الكَبَدَ (٣).
وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ قولُ مَن قال: معنى ذلك أنه خُلِق يُكابدُ الأمورَ ويُعالجُها. فقولُه: ﴿فِي كَبَدٍ﴾. معناه: في شدَّةٍ.
وإنما قلنا: ذلك أولى بالصوابِ؛ لأن ذلك هو المعروفُ من كلام العربِ من معاني الكَبَدِ، ومنه قولُ لبيدِ بن ربيعةَ (٤):
يا (٥) عينُ هلَّا بَكَيْتِ أَرْبَدَ إِذْ … قُمْنا وقامَ الخُصُومُ في كَبَدِ
وقوله: ﴿أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ﴾. ذُكِر أن ذلك نزل في رجلٍ بعينِه أَنَّ مِن بنى جُمَحَ كان يُدعَى أبا الأشدِّين، وكان شديدًا، فقال جلَّ ثناؤُه: أيحسَبُ هذا القويُّ لجَلَدهِ (٦) وقوتِه، أن لن يقهرَه أحدٌ فيغلِبَه؟ فاللهُ غالبُه وقاهرُه.
وقوله: ﴿يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا﴾. يقولُ تعالى ذكره: يقولُ هذا الجليدُ
(١) الصعد: المشقة. وعذاب صعد: شديد. اللسان (ص ع د). (٢) في ص، ت ١، ت ٢: "فسمي". وفى م: "يسمى"، وفي ت ٣: "وسمى". (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣٥٣ إلى المصنف وابن أبي حاتم. (٤) شرح ديوانه ص ١٦٠. (٥) سقط من: م. (٦) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بجلده".