حرجَ عليه، فيكونَ "مَن" اسْتثناءً من الفعل، وإن لم يَكُنْ قبل الاستثناءِ شيءٌ ظاهرٌ يُسْتَثْنَى منه، كما قال جل ثناؤُه: ﴿لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ﴾ [الغاشية: ٢٢، ٢٣]. وكقولِه (١): إنى لأَكْرَهُ الخُصومةَ والمِراءَ، اللهم إلا رجلًا يُرِيدُ الله بذلك. ولم يُذْكَرْ قبله شيءٌ مِن الأسماءِ.
و "مَن"(٢) على قولِ الحسنِ هذا نصبٌ على أنه مُسْتَثْنًى مِن (٣) معنى الكلامِ، لا مِن الاسمِ كما ذكَرْنا قبلُ في تأويلِ (٤) ابن عباسٍ إذا وجَّه "مَن" إلى النصبِ، وكقولِ القائلِ: كان مِن الأمرِ كذا وكذا، اللهم إلا أن فلانًا جزاه اللهُ خيرًا فعَل كذا وكذا.
وقال آخرون: بل معنى ذلك: لا يُحِبُّ اللهُ الجهرَ بالسوءِ مِن القولِ إلا مَن ظُلِم، فيُخْبِرُ بما نِيل منه.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن وَكيعٍ، قال: ثنا أبو مُعاويةَ، عن محمدِ بن إسحاقَ، عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مُجاهدٍ، قال: هو الرجلُ يَنْزِلُ بالرجلِ، فلا يُحْسِنُ ضِيافتَه، فيَخْرُجُ مِن عندِه، فيقولُ: أساء ضِيافتى ولم يُحْسِنْ (٥).
حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُريجٍ، عن
(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وكقولهم". (٢) بعده في الأصل: "قال". (٣) في الأصل: "و". (٤) بعده في م: "قول". (٥) تفسير مجاهد ص ٢٩٥، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٣٧ للمصنف والفريابي وعبد بن حميد.