والصوابُ من القولِ في ذلك عندى أن يُقالَ: إنهما قراءتانِ معروفتانِ، متقاربنا المعنى، قد قرَأ بكلِّ واحدة منهما جماعةٌ من القرأة، فبأيتِهما قرأ القارئ فمصيبٌ. فمعنى الكلام إذن: ويوم تقومُ الساعةُ يقالُ لآلِ فرعونَ: ادْخلوا يا آلَ فرعونَ أشد العذاب. فهذا على قراءةِ مَن وصل الألفَ مِن ﴿أَدْخِلُوا﴾ ولم يقطَعْ، ومعناه على القراءة الأخرى: ويوم تقومُ الساعةُ يقولُ الله لملائكته: ﴿أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ (٤٦)﴾.
يقول تعالى ذكره لنبيِّه محمد ﷺ: ﴿وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ﴾ [غافر: ١٨]، ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ﴾. يقولُ: وإذ يَتخاصَمون في النارِ. وعُنِى بذلك: إذ يتخاصَمُ الذين أمَر رسولُ الله ﷺ بإنذارهم مِن مُشْرِكى قومه في النارِ، ﴿فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ﴾ منهم [في الدنيا](١)، وهم التُّبَّاعُ (٢)[﴿لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ منهم وهم المتبوعون](٣) على الشركِ باللهِ: ﴿إنا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا﴾. تقولُ لرُؤسائهم الذين اتَّبَعوهم على الضلالةِ: إنا كنا لكم في الدنيا تبعا على الكفر باللهِ، ﴿فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ﴾ اليومَ ﴿عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ﴾. يَعْنُون: حَظًّا، فَتُخَفِّفونه (٤) عَنَّا، فقد كُنَّا نسارع في محبتكم في الدنيا، ومن قبلكم أُتينا، لولا أنتم لكُنَّا في الدنيا مؤمنين، فلم يُصِبْنا اليومَ هذا البلاءُ.
(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "المبتدعون"، وفى م: "المتبعون". (٣) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ت ٣. (٤) في م: "فتخففوه".