وقد اختلَف أهلُ العربيةِ في وجهِ توحيدِ الضدِّ، وهو صفةٌ لجماعةٍ؛ فكان بعضُ نحويِّى البصرةِ يقولُ: وُحِّد لأنه يكونُ جماعةً وواحدًا، مثلَ الرَّصَدِ والأرصادِ. قال: ويكونُ الرَّصَدُ أيضًا للجماعةِ.
وقال بعضُ نحويى الكوفة: وُحِّد لأن معناه: عونًا.
وذُكِر أن أبا نَهِيكٍ كان يقرأُ ذلك، كما حدَّثنا ابن حميدٍ، قال: ثنا يحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا عبدُ المؤمنِ، قال: سمِعتُ أبا نهيكٍ الأزديَّ يقرأُ: (كُلًّا (١) سَيَكْفُرون). يعنى: الآلهة كلَّها (٢) أنهم سيكفُرون بعبادتِهم (٣).
يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: ألم ترَ يا محمدُ أنا أرسَلنا الشياطينَ على أهلِ الكفرِ باللهِ ﴿تَؤُزُّهُمْ﴾. يقولُ: تحرِّكُهم بالإغواءِ والإضلالِ، فتُزعِجُهم إلى معاصى اللهِ، وتغريهم بها حتى يُواقِعوها، ﴿أَزًّا﴾: إزعاجًا وإغراءً (٤).
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثني معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ،
(١) في ت ٢: "كل". (٢) في الأصل، ص، ت ١، ت ٢: "وكلا". (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٨٤ إلى ابن أبي حاتم. وينظر تفسير ابن كثير ٥/ ٢٥٧. (٤) في ص، م، ت ١، ف: "إغواء".