اخْتَلَفت القرأةُ فى قراءةِ قولِه: ﴿أَنْ كَانَ﴾. فقرَأ ذلك أبو جعفرٍ المَدَنىُّ وحمزةُ:(أ أن كان ذا مالٍ) بالاستفهامِ بهمزتين (١)، وتَتَوَجَّهُ قراءةُ مَن قرَأ ذلك كذلك إلى وجهين؛ أحدُهما: أن يكونَ مُرادًا به تَقْريعُ هذا الحلَّافِ المَهِينِ، فقيل: ألأن كان هذا الحَلَّافُ المهينُ ذا مالٍ وبنينَ ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾؟ وهذا أظهرُ وجهيه. والآخرُ: أن يكونَ مُرادًا به: ألأن كان ذا مالٍ وبنينَ تُطِيعُه؟ على وجهِ التوبيخِ لمن أطاعه. وقرَأ ذلك بعدُ سائرُ قرأةِ المدينةِ والكوفةِ والبصرةِ: ﴿أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ﴾ على وجهِ الخبرِ بغيرِ استفهامٍ بهمزةٍ واحدةٍ (٢)، ومعناه إذا قُرِئ كذلك: ولا تُطِعْ كلَّ حلافٍ مهينٍ، أن كان ذا مالٍ وبنينَ. كأنه نهاه أن يُطِيعَه مِن أجلِ أنه ذو مالٍ وبنينَ.
وقولُه: ﴿إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾. يقولُ: إِذا تُقْرَأُ عليه آياتُ كتابِنا قال: هذا مما كتَبه الأوَّلون. استهزاءً به، وإنكارًا منه أن يكونَ ذلك من عندِ اللهِ.
وقولُه: ﴿سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ﴾. اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال
(١) وهى قراءة ابن عامر وأبى بكر ويعقوب كذلك. ينظر الإتحاف ص ٢٦٠. (٢) هي قراءة نافع وابن كثير وأبي عمرو وحفص والكسائى وخلف. المصدر السابق.