وقولُه: ﴿إِذْ قَالَ رَبُّكَ﴾. مِن صلةِ قولِه: ﴿إِذْ يَخْتَصِمُونَ﴾. وتأويلُ الكلامِ: ما كان لي مِن علمٍ بالملأَ الأعلى إذ يختصِمون حينَ قال ربُّك يا محمدُ للملائكةِ: ﴿إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ﴾. يعنى بذلك خَلْقَ آدَمَ.
وقولُه: ﴿فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فإذا سوَّيتُ خَلْقَه، وعدَّلْتُ صورتَه، ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾. قيل: عُنِى بذلك: ونَفَخْتُ فيه مِن قُدْرتي.
ذكرُ مَن قال ذلك
حُدِّثتُ عن المسيَّبِ بن شَرِيكٍ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضحاكِ: ﴿وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي﴾. قال: مِن قُدْرتى.
﴿فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ﴾. يقولُ: فاسجُدوا له وخِرُّوا له سُجَّدًا.
وقولُه: ﴿فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: فلما سوَّى اللهُ خَلْقَ ذلك البشرِ، وهو آدمُ، ونفَخ فيه من رُوحِه، سجَد له الملائكةُ كلُّهم أجمعون، يعنى بذلك: الملائكةُ الذين هم في السماواتِ والأرض، ﴿إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ﴾. يقولُ: غيرَ إبليسَ، فإنه لم يسْجُدْ، استكبرَ عن السجودِ له (١)؛ تعظُّمًا وتكبُّرًا (٢)، ﴿وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ﴾. يقولُ: وكان بتعظُّمِه ذلك، وتكبُّرِه على ربِّه، ومعصيتِه أمرَه، ممن كفَر في علمِ الله السابقِ، فَجَحَد ربوبيتَه، وأنكَر ما عليه
(١) سقط من: ص، ت ١. (٢) في ص، ت ١: "كبرا"، وفي ت ٢، ت ٣: "كفرا".