يقولُ تعالى ذكرُه: واذْكُرْ يا محمدُ ذا النونِ. يعنى: صاحبَ النونِ. والنونُ: الحوتُ، وإنما عَنَى بذى النونِ يونُسَ بنَ مَتَّى. وقد ذكَرْنا قصتَه في سورةِ "يونُسَ" بما أغْنَى عن ذكرِه في هذا الموضعِ (١).
واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في معنى ذَهَابِه مُغاضِبًا، وعمَّن كان ذهابُه، وعلى مَن كان غضبُه؛ فقال بعضُهم: كان ذهابُه عن قومِه، وإياهم غاضَب.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ سعدٍ، قال: ثنى أبي، قال: ثنى عمي، قال: ثنى أبي، عن أبيه، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا﴾، يقولُ: غضِب على قومِه (٢).
حُدِّثتُ عن الحسين، قال: سمِعْتُ أبا مُعاذٍ يقولُ: ثنا عبيدٌ، قال: سَمِعْتُ الضحاكَ يقولُ في قولِه: ﴿إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا﴾: [أما غضبُه، فكان](٣) على قومِه (٤).
وقال آخرون: ذهَب عن قومِه مُغاضِبًا لربِّه، إذ كشَف عنهم العذابَ بعدَ ما وعَدهموه.
(١) ينظر ما تقدم في ١٢/ ٢٩١ - ٢٩٧. (٢) أخرجه البيهقى في الأسماء والصفات (١٠٧٧) من طريق محمد بن سعد به. (٣) في ت ٢: "يقول غضب". (٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٣٣ إلى المصنف وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم.