وقولُه: ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾. يقولُ: وهم اليوم يَقْذِفون بالغيبِ محمدًا من مكانٍ بعيدٍ. يعنى: أنهم يَرْجُمُونه وما أتاهم مِن كتابِ اللهِ، بالظُّنُونِ والأَوْهامِ، فيقولُ بعضُهم: هو ساحِرٌ. ويقولُ بعضُهم: هو شاعرٌ. وغيرَ ذلك.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نَجيحٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾، قال: قولُهم: ساحِرٌ، بل هو كاهِنٌ، بل هو شاعِرٌ (١).
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾. أي: يَرْجُمون بالظَّنِّ، يقولون: لا بَعْثَ [ولا نُشُورَ](٢)، ولا جنةَ ولا نارَ (٣).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ﴾. قال: بالقرآنِ (٤).
(١) تفسير مجاهد ص ٥٥٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٤١، ٢٤٢ إلى ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم. (٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢. والمثبت من الأصل كما في تفسير القرطبي. (٣) ذكره الطوسى في التبيان ٨/ ٣٧٣، والبغوى في تفسيره ٦/ ٤٠٧، والقرطبي في تفسيره ١٤/ ٣١٧، وأبو حيان في البحر المحيط ٧/ ٢٩٤، وابن كثير في تفسيره ٦/ ٥١٦، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٤٢ إلى المصنف وابن أبي حاتم. (٤) ذكره أبو حيان في البحر المحيط ٧/ ٢٩٤ بلفظ: "طاعنين في القرآن بقولهم: أساطير الأولين".