يقولُ تعالى ذكرُه: وقال المشركون باللهِ، المكذِّبون بالبَعْثِ: ﴿أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ﴾: أي: صارت لحومُنا وعظامُنا ترابًا في الأرضِ. وفيها لغتان: ضَلَلْنا، وضَلِلْنا، بفتحِ اللامِ وكسرِها والقراءةُ على فتحِها، وهى الجَوداءُ، وبها نقرأُ (١).
وذُكر عن الحسنِ أنه كان يقرأُ:(أئِذَا صَلَلْنا) بالصادِ (٢)، بمعنى: أَنْتَنَّا، مِن قولِهم: صَلَّ اللحمُ وأصَلَّ، إذا أنْتَنَ.
وإنما عَنَى هؤلاء المشركون بقولِهم: ﴿أَإِذَا ضَلَلْنَا فِي الْأَرْضِ﴾. أي: إذا هلكَت أجسادُنا في الأرضِ. لأن كلَّ شيءٍ غَلَب عليه غيره حتى خفى فيما غلَب، فإنه قد ضَلَّ فيه. تقولُ العربُ: قد ضَلَّ الماءُ في اللبن. إذا غَلَب اللبنُ (٣) عليه حتى لا يَتَبَيَّنَ فيه (٤)، ومنه قولُ الأخطلِ الجريرٍ (٥):
(١) قرأ يحيى بن يعمر وابن محيصن وأبو رجاء وطلحة وابن وثاب: (ضَلِلْنا)، وهي قراءة شاذة. ينظر البحر المحيط ٧/ ٢٠٠. (٢) هي قراءة على وابن عباس والحسن والأعمش وأبان بن سعيد بن العاص. ينظر البحر المحيط ٧/ ٢٠٠. (٣) سقط من: م. (٤) بعده في ت ١، ت ٢: "الماء". (٥) ديوانه ص ٣٩٢.