قال أبو جعفرٍ: قد بيَّنا فيما مضى معنى قولِه: ﴿حم﴾. بما أغنى عن إعادته في هذا الموضعِ (١).
وقوله: ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾. قسمٌ مِن اللَّهِ تعالى ذكرُه أقسَم بهذا الكتابِ الذي أنزلَه على نبيِّه محمدٍ ﷺ، فقال: ﴿وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ﴾ لمن تدبَّره وفكَّر في عبرِه وعظاتِه؛ هُداه ورُشْدِه وأدلَّتِه على حقيقتِه (٢)، وأنه تنزيلٌ مِن حكيمٍ حميدٍ، لا اختلاقٌ من محمدٍ ﷺ، ولا افتراءٌ مِن أحدٍ.
﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾. يقولُ: إنا أنزلناه قرآنًا عربيًّا بلسانِ العربِ، إذ كنتم أيُّها المنذَرون به مِن رهطِ محمدٍ ﷺ عَرَبًا، ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾. يقولُ: لتعقِلوا (٣) معانيَه وما فيه من مواعظَ، ولم يُنزِلْه بلسانِ العجمِ فيجعلَه أعجميًّا، فتقولوا (٤): نحن عربٌ، وهذا كلامٌ أعجميٌّ لا نفقهُ معانيَه.
وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
(١) تقدم في ١/ ٢٠٦، وفى ص ٢٧٤ - ٢٧٦ من هذا الجزء. (٢) في م، ت ٣: "حقيته". (٣) في ت ٣: "لتفقهوا". (٤) في الأصل: "فيقولون".