يقول تعالى ذكرُه: كما بيَّنتُ لكم ما يَلْزَمُكم لأزواجكم، ويَلْزَمُ أزواجكم لكم أيُّها المؤمنون، وعرَّفتُكم أحكامي، والحقَّ الواجب لبعضكم على بعضٍ في هذه الآيات، فكذلك أُبَيِّنُ لكم سائرَ الأحكام في آياتي التي أنْزَلتُها على نبيِّى محمدٍ في هذا الكتابِ؛ لِتَعْقِلوا أيُّها المؤمنون بى وبرسولى حُدُودى، فَتَفْهَموا اللازم لكم مِن فرائضى، وتَعْرِفوا بذلك ما فيه صلاحُ دينِكم ودنياكم، وعاجِلِكم وآجلِكم، فَتَعْمَلُوا به؛ ليصْلُحَ ذاتُ بينكم، وتَنَالوا به الجزيل من ثوابي في معادكم.
يعني تعالي ذكرُه: ﴿أَلَمْ تَرَ﴾: ألم تَعْلَمْ يا محمدُ. وهو من رؤية القلب لا رؤية العين؛ لأن نبيَّنا محمدًا ﷺ لم يُدْرِك الذين أخبر الله عنهم هذا الخبر. ورُؤيةُ القلب ما رآه: عِلْمُه (٢) به. فمعنى ذلك: ألم تَعْلَمُ يا محمدُ الذين خرَجوا من ديارهم وهم ألوفُ.
ثم اخْتَلفَ أهلُ التأويل في تأويل قوله: ﴿وَهُمْ أُلُوفٌ﴾. فقال بعضُهم: في العدَدِ، بمعنى جماع "ألفٍ".
(١) في م: "نصًّا". وينظر ما تقدم في ١/ ٢٣٧ - ٢٣٩. (٢) في م: "وعلمه".