تُذْعِنوا لحكمِه لكم وعليكم، ﴿فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ﴾. يقولُ: فإنما عليه فعلُ ما أُمِرَ بفعلِه مِن تَبْليغِ رسالةِ اللهِ إليكم، على ما كَلَّفَه مِن التبليغِ، ﴿وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ﴾. يقولُ: وعليكم أيُّها الناسُ أن تَفْعَلُوا مَا أَلزَمَكم وأوجَب عليكم مِن اتِّبَاعِ رسولِه ﷺ، والانتهاءِ إلى طاعتهِ فيما أمَرَكم ونَهاكم.
وقُلنا: إن قولَه: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا﴾. بمعنى: فإن تَتَولَّوا، فإنه في موضعِ جزمٍ؛ لأنه خطابٌ للذين أُمِرَ رسولُ اللهِ ﷺ بأن يقولَ لهم: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾. يدلُّ على أن ذلك كذلك قولُه: ﴿وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ﴾. ولو كان قولُه: ﴿تَوَلَّوْا﴾. فعلًا ماضيًا، على وَجْهِ الخبرِ عن غَيبٍ، لكان في موضعِ قولِه: ﴿وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ﴾ وعليهم ما حُمِّلُوا.
وقوله: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: وإن تُطِيعوا أيُّها الناسُ رسولَ اللهِ فيما يأمُرُكم ويَنْهاكم، تَرْشُدُوا وتُصِيبوا الحقَّ في أُمُورِكم. ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾. يقولُ: وغيرُ واجبٍ على مَن أرسَله اللهُ إلى قومٍ برسالةٍ إلا أن يُبَلِّغَهم رسالتَه بلاغًا، يُبيُن لهم ذلك البلاغُ عما أرادَ اللهُ به. يقولُ: فليس على محمدٍ أيُّها الناسُ إلا أداءُ رسالةِ اللهِ إليكم، وعليكم الطاعةُ، وإن أطَعْتُموه، لَحُظُوظَ أنفسِكم تُصِيبون، وإن عَصيتُموه، فأنفُسَكم (١) تُوبِقون (٢).