فأما الذين قرَءوا: ﴿تُصْعِدُونَ﴾ بضمِّ التاءِ وكسرِ العينِ، فإنهم وجَّهوا معنى الله ذلك إلى أن القومَ حينَ انْهَزَموا عن عدوِّهم، أخَذُوا في الوادى هارِبين، وذكَروا أن ذلك في قراءةِ أبيٍّ:(إذ تُصْعِدون في الوادي).
حدَّثنا بذلك (١) أحمدُ بنُ يوسُفَ، قال: ثنا أبو عُبيدٍ، قال: ثنا حجاجٌ، عن هارونَ (٢).
قالوا: فالهربُ في مستوى الأرضِ وبطونِ الأوديةِ والشِّعابِ إصعادٌ لا صُعودٌ. قالوا: وإنما يَكونُ الصعودُ على الجبالِ والسَّلاليمِ والدَّرَجِ؛ لأن معنى الصعودِ الارتقاءُ والارتفاعُ على الشيءِ عُلُوًّا.
قالوا: فأما الأخذُ في مستوى الأرضِ والهبوطِ، فإنما هو إصعادٌ، كما يقالُ: أصْعَدْنا من مكةَ. إذا ابْتَدَأْتَ في السفرِ منها والخروجِ وأصْعَدْنا من الكوفةِ إلى خُراسانَ، بمعنى: خرَجْنا منها سفرًا إليها، [وابْتَدَأْنا منها الخروجَ](٣) إليها.
قالوا: وإنما جاء تأويلُ أكثرِ أهلِ التأويلِ بأن القومَ أخَذوا عندَ انهزامِهم عن عدوِّهم في بطنِ الوادى.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قوله: ﴿إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ﴾. ذاكم يومَ أُحُدٍ، أَصْعَدوا في الوادي فرَأوْا (٤) نبيَّ اللهِ ﷺ يدعوهم: " [أي عبادَ اللهِ"] (٥).
(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س. (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٦ إلى المصنف. (٣) في الأصل: "وابتدأ منها فالخروج"، وفى ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "وابتدأ منها الخروج". (٤) بياض في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، وفى م: "فرارًا و". (٥) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س. والأثر عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٨٧ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر.