حدَّثني المثنَّى، قال: ثنا عبدُ اللهِ بنُ صالحٍ، قال: ثني معاويةُ بنُ صالحٍ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿وَالذِّكْرِ﴾. يقولُ: القرآنُ الحكيمُ الذي قد كمَل في حكمتِه (١).
يعْنى جلَّ ثناؤُه: إِن شَبَهَ عيسى في خَلْقِى إياه مِن غيرِ فَحْلٍ - فأخْبِرْ به يا محمدُ الوفدَ مِن نصارَى نَجْرانَ - عندِى كشَبَهِ آدمَ، الذي خلَقْتُه مِن ترابٍ، ثم قلتُ له: كنْ. فكان، مِن غيرِ فَحْلٍ، ولا ذكَرٍ، ولا أُنثى. يقولُ: فليس خَلْقى عيسى مِن أمِّه، مِن غيرِ فحلٍ، بأَعْجَبَ مِن خَلْقِى آدمَ مِن غيرِ ذكرٍ ولا أُنثى، فكان لحمًا، يقولُ: وأَمْرى إذ أمَرْتُه أن يكونَ فكان، فكذلك خَلْقِى عيسى، أَمَرْتُه أن يكونَ فكان.
وذكَر أهلُ التأويلِ أن الله ﷿ أنْزَل هذه الآيةَ احْتِجاجًا لنبيِّه ﷺ على الوفدِ مِن نصارَى نَجْرانَ الذين حاجُّوه في عيسى.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن حُميدٍ، قال: ثنا جَرِيرٌ (٢)، عن مُغيرةَ، عن عامرٍ، قال: كان أهلُ نَجْرانَ أعظمَ قومٍ من النصارَى في عيسى قولًا، فكانوا يُجادِلون النبيَّ ﷺ، فأَنْزَلَ اللهُ ﷿ هذه الآيةَ في سورةِ آلِ عِمْرانَ: ﴿إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ إلى قولِه: ﴿فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى
(١) ذكره ابن عطية في المحرر الوجيز ٢/ ٤٤٧، وأبو حيان في البحر المحيط ٢/ ٤٧٦. (٢) في س: "جويبر". وينظر تهذيب الكمال ٤/ ٥٤٠.