التاركين لها، ثم إن (١) عُلُوجًا (٢) فُساقًا، أكلة الربا والغلول، قد سفَّههم ربى ومقتهم، زعموا ألا بأسَ عليهم فيما أكلوا وشربوا وزخْرَفوا هذه البيوت، يَتَأَوَّلون هذه الآية: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾. وإنما جعَل ذلك لأولياء الشيطان. قد جعلها ملاعب لبطنه وفرجه. مِن كلامٍ لم يَحْفَظْه سفيانُ (٣).
وقال آخرون: بل عُنى بذلك ما كانت الجاهلية تُحرِّمُ مِن البَحائرِ والسَّوائبِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾: وهو ما حرَّم أهلُ الجاهلية عليهم من أموالهم؛ البحيرةُ والسائبةُ والوَصيلةُ والحامُ (٤).
حدَّثني المثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ بن صالحٍ، عن على، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾. قال: إن أهل الجاهلية كانوا يُحرِّمون أشياء أحَلَّها الله من الثياب (٥) وغيرها، وهو قولُ اللهِ: ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا﴾ [يونس: ٥٩]. وهو هذا، فأنزل الله: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ (٦).
(١) سقط من النسخ، والمثبت من الحلية. (٢) العلوج، جمع علج: وهو الرجل الشديد الغليظ. اللسان (ع ل ج). (٣) أخرجه أبو نعيم في الحلية ٢/ ١٥٣، ١٥٤ من طريق مسلمة بن جعفر عن الحسن به بأطول مما هنا. (٤) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٥/ ١٤٦٧ (٨٣٩٨) من طريق يزيد بن زريع، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٨١ إلى عبد بن حميد. (٥) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف: "الرزق". (٦) أخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٤٦٦، ١٤٦٧ (٨٣٩) من طريق عبد الله بن صالح به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٨١ إلى ابن المنذر.