لرسولِ اللَّهِ ﷺ ما قالوا، وما أَلقى الشيطانُ على أفواهِهم، ﴿يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾. أي: يُرْهبُكُم بأوليائِه (١).
حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا عليُّ بنُ مَعْبَدٍ، عن عتَّابِ بن بشيرٍ، مولى قريشٍ، عن سالمٍ الأَفْطسِ في قولِه: ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾. قال: يُخوِّفُكم بأوليائِه.
وقال آخرون: معنى ذلك: إنما ذلكم الشيطانُ يعظِّمُ أمرَ المشركين، أيها المنافقون، في أنفسِكم لتخافونه (٢).
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا محمدٌ، قال: ثنا أحمدُ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّيِّ، قال: ذكَر أمرَ المشركين وعظَّمهم في أعينِ المنافقين، فقال ﴿إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾. يقولُ: يعظِّمُ أولياءَه في صدورِكم فتخافونَهم (٣).
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: ﴿يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾. وهل يخوِّفُ الشيطانُ أولياءَه؟ [وكيف](٤) قيل: إن كان معناه: يخوِّفُكم بأوليائِه: ﴿يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ﴾؟
قيل: ذلك نظيرُ قولِه: ﴿لِيُنْذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا﴾ [الكهف: ٢]. بمعنى: لينذرَكم بأسَه الشديدَ، وذلك أن البأسَ لا يُنذَرُ، وإنما يُنْذَرُ به (٥).
وقد كان بعضُ أهلِ العربيةِ من أهلِ البصرةِ يقولُ: معنى ذلك: يخوِّفُ الناسَ
(١) سيرة ابن هشام ٢/ ١٢١ وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٢/ ٨٢١ (٤٥٤٠) من طريق سلمة به. (٢) في ص، ت ١، س: "فتخافوه". وفى م، ت ٢، ت ٣: "فتخافونه". (٣) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٣/ ٨٢٠ (٤٥٣٥) من طريق أحمد بن المفضل به. (٤) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س. (٥) ينظر معاني القرآن للفراء ١/ ٢٤٨.