البرُّ ما أُمِرْتَ به، والتَّقْوى ما نُهِيتَ عنه (١).
حدَّثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ اللهِ بن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ، عن أبي العاليةِ في قولِه: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾. قال: البِرُّ مَا أُمِرْتَ به، والتقْوَى ما نُهِيتَ عنه (٢).
قال أبو جعفرٍ ﵀: وهذا وَعيدٌ مِن اللهِ جلَّ ثناؤُه، وتهددٌ (٣) لمَن اعْتَدَى حدَّه، وتجاوَز أمْرَه، يقولُ ﵎: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾. يعنى: واحْذَرُوا الله أَيُّها المؤمنون أن تَلْقَوْه في مَعادِكم وقد اعْتَدَيْتُم حدَّه فيما حدَّ لكم، وخالَفْتُم أَمْرَه فيما أمرَكم به، أو نَهْيَه فيما نَهاكم عنه، فتَسْتَوْجِبوا عِقابَه، وتَسْتَحِقُّوا أليمَ عذابِه. ثم (٤) وصَف عقابَه بالشدةِ، فقال جل ثناؤه: إن الله شديدٌ عقابُه لمن عاقَبَه مِن خلقِه؛ لأنها (٥) نارٌ لا يَطْفَأُ حَرُّها، ولا يَخْمُدُ جَمْرُها، ولا يَسْكُنُ لَهَبُها، نَعوذُ باللهِ منها، ومِن عملٍ [يُقَرِّبُ إليها](٦).
قال أبو جعفرٍ محمدُ بنُ جريرٍ ﵀: يعنى بذلك جلَّ ثناؤُه: حرَّم اللهُ عليكم أيُّها المؤمنون الميتةَ. والميتةُ كلُّ ماله نفسٌ سائلةٌ مِن دَوابِّ البَرِّ وطيرِه، مما
(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٠٣، ٢٥٤ إلى المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه. (٢) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٥٥ إلى عبد بن حميد من قول الربيع بن أنس. (٣) في م: "تهديد". (٤) سقط من: الأصل. (٥) في الأصل: "لأنه". (٦) في ص، ت ٢: "يقرب منها"، وفى م: "يقربنا منها".