حدثني المثنى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا عبدُ الوهاب الثقفيُّ، عن خالدٍ الحذَّاءِ، عن عكرمةَ في قولِه: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ﴾ إلى قوله: ﴿صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾. قال: إن نبيَّ اللهِ أتاه اليهودُ يسألونه عن الرجمِ، واجْتَمعوا في بيتٍ، قال:"أيُّكم أعلمُ"؟ فأشاروا إلى ابن صُورِيا، فقال:"أنت أعلمُهم"؟ قال: سَلْ عمَّا شئتَ. قال:"أنت أعلمُهم"؟ قال: إنهم ليزعُمون ذلك. قال: فناشَده بالذي أنزل التوراةَ على موسى، والذي رفَع الطورَ، وناشَده بالمواثيقِ التي أُخِذت عليهم، حتى أخَذه أَفْكَلُ (١). فقال: إن نساءَنا نساءٌ حِسانٌ، فكثُر فينا القتلُ، فاخْتَصرنا أُخْصُورةً (٢)، فجلَدنا مائةً، وحلَقنا الرءوسَ، وخالفنا بين الرءوسِ إلى الدوابِّ - أحسَبُه قال: الإبلِ. قال: فحَكَم عليهم بالرجمِ: فأنزل اللهُ فيهم: ﴿يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ﴾ الآية. وهذه الآيةَ: ﴿وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ﴾ (٣)[البقرة: ٧٦].
وقولُه: ﴿وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ﴾. يعنى بقولِه: ﴿وَيَعْفُو﴾: ويتركُ أخذَكم بكثيرٍ مما كنتم تُخْفُون من كتابِكم الذي أنزله اللهُ إليكم، وهو التوراةُ، فلا تعمَلون به حتى يأمُرَه اللهُ بأخذِكم به.
يقولُ جلَّ ثناؤُه لهؤلاء الذين خاطَبهم من أهلِ الكتابِ: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ﴾
= وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٦٩ إلى ابن الضريس. (١) الأفكل، على أفْعَل: الرِّعْدة، ولا يبنى منه فعل. اللسان (ف ك ل). (٢) المراد بالأخصورة هنا: الاختصار في الشيء، ولم نجد هذه اللفظة في المعاجم، وإنما يوجد الاختصار والخُصَيْرى، وهما بمعنى ما يراد من الأخصورة هنا. وينظر اللسان (خ ص ر). (٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٦٨، ٢٦٩ إلى المصنف.