باطنٍ (١) لا دَلالةَ عليه، وأن يقالَ: هي آيةٌ محكمةٌ، أمَر اللهُ تعالى ذِكرُه عبادَه أَلَّا يتجاوَزُوا فيما وجَب لهم قبلَ غيرهم من حقٍّ، من مالٍ أو نفسٍ -الحقَّ الذي جعَله اللهُ لهم (٢) إلى غيره. وأنها غيرُ منسوخةٍ، إذ كان لا دَلالةَ على نسخِها، وأن للقولِ (٣) بأنها محكمةٌ، وجهًا صحيحًا مفهومًا.
يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ ﷺ: واصبِرْ يا محمدُ على ما أصابَك مِن أذًى فى اللهِ، ﴿وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾. يقولُ: وما صبرُك إن صبَرتَ إلا بمعونةِ اللهِ وتوفيقِه إياك لذلك، ﴿وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ﴾. يقولُ: ولا تحزَنْ على هؤلاءِ المشركين الذين يُكذِّبونك، ويُنكِرون ما جئتَهم به في آنِ ولَّوا عنك وأعرَضوا عمّا أتيتَهم به من النصيحةِ، ﴿وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾. يقولُ: ولا يَضِيقُ (٤) صدُرك بما يقولون من الجهلِ، ونسبتِهم ما جئتَهم به إلى أنه سحرٌ أو شِعرٌ أو كهانةٌ، ﴿مِمَّا يَمْكُرُونَ﴾: مما يحتالون بالخدعِ في الصدِّ عن سبيلِ اللهِ مَن أراد الإيمانَ بك، والتصديقَ بما أنزَل اللهُ إليك.
واختلَفت القرأَةُ فى قراءةِ ذلك؛ فقرأتْه عامَّةُ قرأةِ العراقِ: ﴿وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ﴾. بفتحِ الضَّادِ من (٥)"الضَّيقِ"، على المعنى الذى وصفتُ من
(١) فى م: "ناطق". ولعل صواب السياق: كان الواجب علينا الحكم بها، لا أن نحيل الحكم بها إلى باطن لا دلالة عليه. أو نحو هذا. (٢) فى ص، ت ١، ت ٢، ف: "له". (٣) فى ت ١، ت ٢، ف: "القول". (٤) فى م: "يضق". (٥) في م: "في".