فضَرَب بهما رأسَه، وكان جبارًا أربعَمائةِ سنةٍ، فعذَّبه اللهُ أربعَمائةِ سنةٍ كمُلْكِه، ثم أماته اللهُ؛ وهو الذي كان بني صَرْحًا إلى السماءِ، وهو الذي قال اللهُ: ﴿فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾.
وأما قولُه: ﴿فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ﴾ فإن معناه: هدَم اللهُ بنيانَهم من أصلِه. والقواعدُ جمعُ قاعدةٍ، وهى الأساسُ، فكان (١) بعضُهم يقولُ: هذا مثَلٌ للاستئصالِ، وإنما معناه أن الله استأصَلهم. وقال: العربُ تقولُ ذلك إذا استُؤْصِل الشيءُ.
وقولُه: ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾. اختَلف أهل التأويلِ في معنى ذلك؛ فقال بعضُهم (٢): فخرَّ عليهم السقفُ من فوقِهم: أعالى بيوتِهم من فوقِهم.
ذكرُ من قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ﴾: [إى واللهِ، لأَتاها](٣) أمرُ الله من أصلِها] (٤)، ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾. والسقفُ أعالى البيوتِ. فَائْتفَكتْ (٥) بهم بيوتُهم، فأهلَكهم اللهُ ودمَّرهم، ﴿وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ﴾ (٦).
(١) في م: "وكان". (٢) بعده في ص، م، ت ٢، ف: "معناه". (٣) في ص، ت ٢، ف: "لأتاهم". وينظر مصدر التخريج. (٤) سقط من: ت ١. (٥) ائتفكت: انقلبت. اللسان (أ ف ك). (٦) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ١١٧ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم.