يقولُ تعالى ذكرُه: وأوحَى اللَّهُ إلى نوحٍ، لمَّا حقَّ على قومِه القولُ، وأظلَّهم (٢) أمرُ اللَّهِ: ﴿أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ﴾ يا نوحُ، باللَّهِ، فيوحِّدَه ويَتَّبِعَك على ما تَدْعوه إليه ﴿مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ﴾ فصَدَّق بذلك واتَّبَعك، ﴿فَلَا تَبْتَئِسْ﴾. يقولُ: فلا تَسْتَكِنْ ولا تحزنْ ﴿بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾، فإني مُهلِكُهم، ومُنْقِذُك منهم ومَن اتَّبَعَك. وأَوْحَى اللَّهُ ذلك إليه بعدَما دعا عليهم نوحٌ بالهلاكِ، فقال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦].
وهو تَفْتَعِلُ مِن البؤسِ، يقالُ: ابتأسَ فلانٌ بالأمرِ يَبْتَئِسُ ابْتئاسًا. كما قال لَبيدُ بنُ ربيعةَ (٣):
في مَأْتَمٍ كنِعاجِ صا … رَةَ (٤) يَبْتَئِسْنَ بما لَقِينا
وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، عن ابنِ أبي
(١) هو الهَيْرُدان بن خطار السعدي، والبيت في مجاز القرآن ١/ ٢٨٨، واللسان (ج ر م). (٢) في ص: "أطلهم". (٣) شرح ديوان لبيد ص ٣٢٦. (٤) صارة: جبل في ديار بني أسد. معجم البلدان ٣/ ٣٦١.