حدَّثني الحارثُ، قال: ثنا عبدُ العزيزِ، قال: ثنا سفيانُ الثوريُّ، عن حميدٍ الأعرجِ وليثٍ، عن مجاهدٍ في قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ﴾. قال: الفراخُ والبيضُ، وما لا يستطِيعُ أن يفِرَّ.
القولُ في تأويلِ قولِه عز ذكرُه: ﴿لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٩٤)﴾.
يعنى (٢) تعالى ذكرُه: ليختبِرَنَّكم اللهُ أيها المؤمنون ببعضِ الصيدِ في حالِ إحرامِكم، كي يعلَمَ أهلَ طاعةِ اللهِ والإيمانِ به، والمنتهين (٣) إلى حدودِه وأمرِه ونهيِه، و (٤) من الذي يخافُ الله، [فيتقى ما](٥) نهاه عنه ويجتنبُه خوفَ عقابِه، ﴿بِالْغَيْبِ﴾. بمعنى: في الدنيا بحيث لا يراه.
وقد بيَّنا أن الغيبَ إنما هو مصدرُ قولِ القائلِ: غاب عنى هذا الأمرُ، فهو يغيبُ غيبًا وغَيْبةً. وأن ما لم يُعايَنْ، فإن العربَ تسمِّيه غَيْبًا (٦).
فتأويلُ الكلامِ إذن: ليعلَمَ أولياءَ اللهِ؛ من يخافُ الله، فيتَّقى محارمَه التي حرَّمها عليه من الصيدِ وغيرِه، بحيث لا يراه ولا يعاينُه.
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١٢٠٣ (٦٧٨٤) من طريق أبى صالح به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٢٦ إلى ابن المنذر. (٢) في ص، ت ١، ت ٣، ت ٣، س: "يقول". (٣) في م: "المنتهون". (٤) سقط من: م. (٥) في س: "فينتهي عما". (٦) ينظر ما تقدم في ١/ ٢٤١ وما بعدها.